كمال بنكيران: أعمل على نشر الثقافة والهوية المغربية في كندا
قاده شغفه وحبه لاكتشاف الثقافات والهويات الأخرى إلى الهجرة إلى كندا سنة 2001, حيث اكتسب كمال بنكيران خبرة كبيرة في هذا المجال الذي يعد مرجعه الأساسي في أعماله الأدبية, الشعرية وبرامجه التلفزية التي تناقش العمق الثقافي والأدبي ومدى تأثره بالهجرة وتعدد الثقافات.
م ح ث: من هو كمال بنكيران؟ وما هو مسارك الأكاديمي؟
كمال بنكيران: حصلت على الإجازة في الأدب الفرنسي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، ثم واصلت دراستي في كندا، حيث نلت دبلوم الماجستير في علوم التربية من جامعة مونتريال في كيبيك. خلال مسيرتي الأكاديمية، درست الأدب الفرنسي في المدرسة الجامعية بمونتريال، كما قمت بتدريس خصوصيات اللغة الفرنسية للوافدين الجدد إلى كندا.إلى جانب التدريس، كتبت عدة مقالات أكاديمية تناولت أعمال أدباء مغاربة ومغاربيين، كما ساهمت بعدد من المقالات في مجلات تهتم بالتجسير الثقافي، حيث سعيت إلى تسليط الضوء على نقاط التلاقي بين الثقافات المختلفة.
م ح ث: كيف انتقلت للعيش في كندا؟ ولماذا اخترت هذا البلد تحديدا؟
كمال بنكيران: هاجرت إلى كندا سنة 2001 من أجل اكتشاف عوالم جديدة, حيث كنت مولوع وشغوف منذ طفولتي بكل ما يتعلق بتعدد الجنسيات والتنوع الثقافي, ونصحني بعض الأصدقاء بالاستقرار في مدينة مونتريال أو كيبيك, خاصة لأن هاتين المدينتين تعرفان بالتنوع والتعدد الثقافي.وبعد تفكير عميق اخترت الاستقرار في مقاطعة كيبيك الفرنكفونية, التي أبهرتني بتعدديتيها الثقافية في الأيام الأولى بأرض المهجر, حيث كنت ألتقي عدد كبير من الأجانب ينحدرون من مختلف القارات الخمس, ومن هناك انفتحت على المجال الثقافي والادبي بكندا, من خلال التعرف على جمعيات ثقافية تتكون من عدة جاليات أجنبية, ساهمت في التحاقي بجمعية الكتاب الكيبيكين بالمدينة.
م ح ث: كيف شققت طريقك في عالم الإعلام والأدب في كندا؟
كمال بنكيران: ولوجي إلى عالم تقديم البرامج الأدبية في كندا كان امتدادا لأنشطتي الأدبية والثقافية من خلال جمعيتي الأدبية والثقافية، التي أسستها عام 2007. وعندما حازت الجمعية على جائزة مرموقة في المجال الثقافي بكيبيك عام 2017، تلقيت عدة عروض، كان أبرزها عرض القناة الكندية التي أشتغل معها الأن, لنقل هذه التجربة الأدبية إلى مجال السمعي البصري، وتحديدا التلفزيون. وقد كانت تجربة مثيرة للغاية، وما زلنا مستمرين في خوض غمارها.
قبل ذلك، كانت لي تجارب إعلامية إذاعية هنا، كما أن تنظيم الندوات واللقاءات الأدبية ضمن أنشطة جسور ساهم بشكل كبير في صقل تجربتي الإعلامية، فضلا عن إتاحة الفرصة لي للاحتكاك بعدد من الإعلاميين في كندا. لا شك أن هذا المجال يتمتع بفرص واعدة، لكنه يتطلب الكثير من الصبر والمثابرة، إلى جانب بناء شبكة علاقات قوية، من أجل توسيع الآفاق وممارسة العمل الإعلامي باحترافية وموضوعية.
م ح ث: هل أثرت تجربة الهجرة على إبداعاتك الأدبية؟ وكيف؟
كمال بنكيران: بالطبع، كان للهجرة تأثير عميق على كتاباتي الأدبية والشعرية، فعلى سبيل المثال، أصبحت أكثر ميلا إلى تجسيد شخصيات تنتمي إلى خلفيات وجاليات متنوعة، على عكس أعمالي السابقة التي كانت تركز بشكل أساسي على شخصيات غربية.كما أن تجربة الهجرة منحتني فرصة الانفتاح على آداب متعددة، والتفاعل مع كتاب وأدباء من مختلف الثقافات في إطار جمعوي، مما أغنى رؤيتي الإبداعية. في المجمل، يمكنني القول إن الهجرة ساعدتني على التفتح أكثر على الآخر، وفهم التنوع الإثني بشكل أعمق، مما مكنني من تجسيده في كتاباتي بأسلوبي الخاص، مع الحرص على تحقيق التوازن بين الموضوعية والشفافية. كما أنني أحرص على إبراز الروابط الثقافية والحضارية التي تجمع بين المغرب وكندا، وتجسيدها في أعمالي من خلال رؤية أدبية تسلط الضوء على نقاط التلاقي بين الشعبين.
م ح ث: هل لديك مشاريع أدبية أو ثقافية لتعزيز التعاون بين المغرب وكندا؟
كمال بنكيران: عملت على إنجاز مجموعة من المشاريع التي تتعلق بالكتابة والإعلام بين كندا والمغرب, بحيث تمكنت السنة الماضية من الاشتغال على مشروع كتاب كبير يتمحور حول العيش المشترك, والذي جمع 27 كاتبا مغربيا وكنديا وكان عنوانه مدح الاندماجات.وأطمح على المدى المتوسطي إلى إنشاء مهرجان وطني وربما دولي يجمع كتاب مغاربة العالم من أجل مناقشة إصداراتهم الأدبية والشعرية, والمساهمة في نشر الثقافة والهوية المغربية عبر العالم.
م ح ث: ما أبرز التحديات التي واجهتها في البداية؟ وكيف تغلبت عليها؟
كمال بنكيران: الإنسان عندما يهاجر إلى بلد أخر, فهو ينسلخ عن جدوره وموطنه وعن أهله وأصدقائه وتصبح مسألة الهوية إشكالية مرافقة لإبداعاته وكتاباته.الصعوبات الأولى التي واجهتني في كندا, كانت تتعلق بالاندماج داخل المجتمع الكندي الذي يتميز بحضور اللغة الفرنسية والإنجليزية كلغتين رسميتين.أما فيما يتعلق بالمجال الأدبي والثقافي فليس من السهل الولوج إلى دور نشر الكتاب والتي لازالت مرتبطة بضرورة حضور خصوصية الهوية الكيبيكية الفرنكفونية في كتابات ومؤلفات الكتاب الأجانب, الذين يعانون من مشكل رفض إبداعاتهم الأدبية والفكرية.رسمت لنفسي أهدافها وحققتها رغم الصعوبات التي واجهتني, كما انخرطت في البنيات الأدبية والثقافية الكيبيكية, واستطعت أن أخالط بعض الكتاب والمثقفين من كيبيك الذين ساعدوني على التغلب على المصاعب والمشاكل التي واجهتني في البدايات.
م ح ث: ما هي مشاريعك الأدبية المقبلة؟
كمال بنكيران: لدي مشروع روائي قيد الإعداد يتناول موضوعا ذا أهمية كبيرة في المجتمع الكيبيكي، وهو “التجوال القسري”، وهي ظاهرة منتشرة على نطاق واسع في أمريكا الشمالية، ولها انعكاسات سلبية عميقة على الأفراد والمجتمع ككل.كما أعمل على رواية أخرى تستكشف تداعيات مرحلة ما بعد جائحة كوفيد-19، وانعكاساتها على حياتنا اليومية، من خلال رؤية أدبية تعكس التحولات الاجتماعية والنفسية التي طرأت على الإنسان في هذه المرحلة.بالإضافة إلى ذلك، أنا بصدد جمع بعض القصائد التي كتبتها على مدار سنوات، والتي من المقرر أن أطرحها في الأيام المقبلة.